
- ماما
- نعم
- أنا لما أروح المدرسة هبقى أشطر واحد عارفة ليه؟
- ليييييييه
- عشان عندى معلومات كتير كتير هقولها للميس بتاعتى
- يسوفة
- هاه
- منكن اطلب منك طلب و تحاول تفتكر تعملهولى ؟؟
- إيه!!
- متتكلمش فى الفصل إلا لما المدرسة تسألك ... مسألتكش خلاص
متعقدش إنت تتكلم عمال على بطال
- طب كدا مش هتعرف إنى شاطر
- لاااا يا حبيبى إنت بتعرف الأجابات و المعلومات لنفسك اولاً
و الواحد لازم يختار اوقات مناسبة لكدا
و كمان الميس بتاعتك ممكن متبقاش فاضية تسمعك
أو تكون مش مركزة و لا حاجة
و لا تكون ......
و لا تكون .........
و لا تكون ............
فلاش باااااااااااك لورا
القاهرة سنة 1983
مدرستى الأبتدائية الخاصة فى حى المنيل
سنة خامسة أو سادسة مش فاكرة بالضبط
حصة العربى
مدرس اللغة العربية بتاعنا يبقى
أستاذ جمعة
و كان طالع معاش من مدارس الحكومة و شاء حظنا العثر
يشغلوه فى مدرستنا
عارفين الشكل النموذجى بتاع نكت الكاريكاتير بالمللى
البدل القديمة
الخلق الضيق
إستخدام ألفاظ مهجورة فى الشتيمة
زى يا خنزير ... يا بغلة ... درر طالعة من بوقه
الشعر الأبيض و النضارة اللى واكله نص وشه
و الجرنال دايماً تحت باطه
و ريحة الشراب بتفحفح لما يرفع رجليه على التختة
عشان يريح العضمتين شوية إثناء الحصة
و مش ناقص غير طربوش حتى تكتمل الصورة
يدخل من باب الفصل و كأن باب دولاب جدتى إتفتح
و طلع منه مخلوق قديم
من اللى بنشوفهم فى الأفلام الأبيض و الأسود
- إفتحو الكتب يا بهايم و مش عايز أسمع نفس
( همهمة بين التخت تعبر عن ضيقنا من تعرضنا للشتيمة
و خدوا بالكم كانت مدرسة خاصة يعنى مش متعودين على المعاملة دى )
- الدرس النهاردة إسمه العقل زينة
مين هيقرفنا و يقرا ؟؟
يقوم كام واحد و واحدة من العيال المستبيعة يرفعوا إيدهم
و الأستاذ جمعة ينقى واحد واحد
يقريه فقرة و يقعده مع كلمات التشجيع و الثناء زى
- إترزعى يا به
- إقعد يا زفت
- على صوتك يا ختى إنتى مطفحتيش على الصبح
- متقرى عدل ياله جاتكم البلاوى
و مضى قطار التهزيىء فى طريقه لحد عندى ووقف
- قومى يا بت كملى
البت دى اللى هيا سعادتى
و الحمدلله كنت بعرف إستقرى كويس
قريت آخر كام سطر فى الدرس و خلصت
- إترزعى إقعدى
بس خلاص و المفروض أقعد بقى و أسكت
و احمد ربنا إنى متقليش إقعدى بشتيمة و لا حاجة
لكن إزااااااااى ؟!!
بعد ما قعدت
قومت تانى و أنا هخرق السقف من الحماس
- أستاذ ... أستاذ ...لو سمحت ممكن أقول حاجة ؟؟
شششششششششش
لنا هنا وقفة لثوانى
عشان أقولكم معلومة كدا سريعة عن موضوع الدرس
كان عنوان الموضوع " العقل زينة "
و كان بيحكى عن حوار داير ما بين أعضاء الجسم كلها
القلب و المعدة و الرئة و هكذا و كل عضو فيهم بيحاول ينسب لنفسه الفضل
فى عمل جسم الإنسان بشكل سليم
كل عضو عاوز يقول أنا الأهم و ما ان إحتدم النقاش ما بين الأعضاء
حتى تدخل العقل بكل هدوء عشان يقول إنى أهم عضو
لأنى بدى الإشارات لكل حد فيكم فيقوم بوظيفته على اكمل وجه
و أنا اهمكم جميعاً فى الحقيقة
ساعتها الأعضاء كلها إقتنعت برأيه و قالت الجملة التاريخية دى
و اللى بقت عنوان الدرس و هيا إن
" العقل زينة "
الوقفة خلصت
و نرجع للبت اللى عاوزة تقول حاجة و أستاذ جمعة سالها
- حاجة إيه يا ختى ؟
- أنا عاوزة أقول حضرتك إنى مش مقتنعة بحكاية إن العقل زينة
- نعم ؟
- أصل حضرتك الزينة دى مش مهمة قوى فى الحياة
- إزاى بقى يا فالحة مش إنتوا بتلموا من بعض فلوس كل سنة
و تشتروا زينة تعلقولها فى الفصل عشان يبقى شكله عدل
و نعرف نقعد فيه و نستحمل خلقكم ؟؟
يبقى الزينة دى بتخلى الحاجة تبقى أحسن و لا لأ ؟
- بس إحنا بنقطع الزينة دى بعد شهر و الفصل بيرجع زى ما كان
يعنى الزينة دى ممكن متبقاش موجودة طول الوقت
و العقل مينفعاش ميبقاش موجود طول الوقت
- الدرس بيقول إن العقل هوه أحسن عضو و زينة الأعضاء كلها
زى ما الناس تيجى تعمل فرح و تعلق الزينة
فالجيران تعرف إن عندهم حاجة مهمة
- بس لو معلقوش الزينة دى مش مهم قوى ... جارتنا اللى ساكنة فوقينا
إتجوزت من غير ما تعلق زينة
- عشان جارتك دى فقرانة و معهاش فلوس تجيب
و بعدين الواحدة لما تحب تتزين
مش بتجيب حتة دهب و لا مجوهرات تلبسها
يعنى بتدور على أغلى حاجة
و تبقى دى الزينة
يعنى الزينة معناها الشىء الغالى القيمة
فهمتى يا غبية
- بس ماما عندها عقد معمول من الخرز و دا زينة أهو و مش غالى ؟؟
- إنتى دماغك دى عاوز كسره ... و هوه الدرس كدا فى مقرر الوزارة
و إنسدى بقى وجعتى دماغى
- أصلى مش مقتنعة يا أستاذ
- و هنا إنفجر غاضباً ... ما عنك ما إتزفتى ... إنتى تحفظى الدرس زى ماهو كدا
و السؤال لما يجيلك فى الإمتحان آخر السنة تجاوبى زى ما هو مكتوب
فى الكتاب و بس
و هجيب السؤال دا فى إمتحان الشهر لما أشوف هتجاوبيه إزاى ...
- مش هجاوبه طبعا ...عشان مش مواقفة ...
- ##.....*##@@..##@@**## ..... إطلعى أقوفى
و وشك فى الحيطة لحد آخر الحصة
فاكرة نفسك هتفهمى احسن من الوزارة
عيال آخر زمن
و هكذا إنتهى الموقف بوقوفى و وشى فى الحيطة و أنا مصممة على رأيى
إن العقل مش شوية زينة و خلاص
و بعدين إيه يعنى لما رأيى يبقى غير رأى المقرر بتاع الست الوزراة ؟!!
طبعاً لما الأستاذ جمعة جاب السؤال دا فى إمتحان الشهر
ليه العقل زينة ؟؟؟؟
جاوبت زى ما أنا عايزة
و مش زى المقرر
و خدت نمرة زى وشى و كحكة حمرا زى قرص الشمس
و محدش يسألنى باباكى عمل معاكى إيه ؟؟
لأن الحقيقة السيد الوالد الله يرحمه
كان متعود على الكحك فى الشهادة و بالتالى محسش بأى شىء ملفت فى الشهر دا
و هيا العلقة بتاعة كل شهر طبق الأصل دون أى تعديلات تذكر
الشىء البايخ بجد بقى
كان لما جه سؤال عن العقل زينة فى إمتحان آخر السنة
إضطريت أسفة وقتها إنى إنحى رأيى جانياً و اكتب رأى الوزارة
عشان انجح و اجيب درجات و أعدى الليلة
أنا بقول الكلام دا كله ليه دلوقتى ؟؟
أصلى فى فترة ما فى نظامنا التعليمى
تصورت إنى إنسانة ليها عقل بتفكر بيه
و قررت إن مش عاجبنى توصيف الوزارة للعقل و كانلى رأى تانى خاص بيا
و كمان تجرأت و قمت قولت لأستاذى
أل يعنى جبت التايهة و الراجل هيكافئنى
على إكتشافى و فلسفتى الخاصة
خالو بالكم الكلام دا سنة 83 يعنى ايام الروقان و الهدوء
و فى مدرسة خاصة مش حكومة
يعنى كنا 32 تلميذ فى الفصل مش أكتر
و المدرس كان كبير فى السن
و يفترض إنه خبرة فى مجاله مش لسه إبن إمبارح
و بيقبض فلوس كويسة مش مرتب حكومة هزيل و مش مضغوط نفسياً
لكن مع ذلك الموقف تطور لوقوفى و وشى فى الحيطة لآخر الحصة
بدل ما يناقشنى و يستوعبنى
و حتى يقولى إحتفظى برأيك و جاوبى برأى المقرر
بعد مضى ربع قرن من الزمان
الموقف المفروض المفرووووووض يتحسن
و اللى معرفتش أعمله إبنى يعمله بقى
و نظام التعليم الحالى لازم يشجعه على التفكير و إبداء الرأى
يعنى لما يوسف يتصور بنفس البراءة
إنه لما يقول رأيه هيقابل بديمقراطية فكرية مماثلة للى بناقشه بيها فى البيت
و إكتشف إن دا مش هيحصل فعلاً
و فى الآخر برضو
هنسمع كلام المقرر و كلام الوزارة حتى لو مش داخل دماغنا
يبقى ال25 سنة دى كأنها معدتش و لا فاتت من عمر الزمن
إحنا زى ما إحنا محلك سر
و يمكن بنرجع لورا كمان
ولما الولد سألنى ... قلقت
و إستحضرت تجربتى السابقة و نصحته النصيحة الهدامة دى
بإنه يحتفظ برأيه و معلوماته لنفسه حتى يأتى وقتها و مكانها المناسب
و لأنى عارفة إن زمنه أسوأ من زمانى بمراحل
و الفصل هيبقى فيه 70 عيل غيره على الأقل
و مدرسته خلقها هيبقى أضيق من خرم الأبرة
فيبقى يجيب من الآخر احسن بدل ما ينصدم
و يحط وشه فى الحيطة و يشيل فى قلبه يا حبيبى
و يبقى يقول رأيه للى هيقدر رأيه
و بلاش يعاكس الست الوزارة الحلوة الكومل اللى مبتغلطشى أبداً
بس برضو أنا عندية و محرمتش
و بعد ربع قرن ما زلت مصرة على أقوالى
إن لأ بقى
مش صح خالص اللى مكتوب فى الدرس
و العقل مش زينة
فى الفترينة
يا عاااااااااتيف
هه